حلم ليلة شتاء

لا أريد النوم هذه الليلة ، فالقمر مكتمل ، والحقل القريب تتسلل رائحة خضرته إلى أنفى فأشعر أنى أدنو كثيرا من الجنة .. دققت النظر إلى السماء .. كم هي رائعة .. كم فاتني النظر إليها سنوات طويلة ، ها هي النجوم تحيط بها من كل جانب وكأنها عقد ثمين يحلى جيدها البديع ، لأول مرة أجتر ذكرياتي من تلك الشرفة العتيقة بينما يتسلل ضوء القمر ليكون مؤنسي في تلك الليلة ، كنت كعادة كل البنات في سني أحلم بذلك الفارس الممشوق الوسيم يأتيني ذات ليلة على جواده الأبيض ليختطفني إلى فردوس الحب والعشق والهيام ، كنت أنتظر كثيرا وتراودني الأحلام فأسبح معه في عالم غير محسوس أتنسم من خلاله عبير الحب ولهفة اللقيا ،وحين بدأت أنضج أخذ ذلك الحلم ينزوي شيئا فشيئا حتى انعدم تماما ، كم جميل أن نحلم قليلا ، ولكن كثيرا ما يباغتنا الواقع بالحقيقة الغائبة ، فنصطدم بكل ما حولنا ، ونجد أنه لا وجود لذلك الفارس ولم يعد عصرنا عصر الجياد والأحصنة بل عصر فوضوي يمتلئ بالضوضاء وأصوات السيارات والمشاجرات التي لا تنتهي في كل شارع وحارة تقريبا ، هذا هو الواقع المعاش ، تذكرت حينما كنت بالجامعة وأهداني زميلي وردة .. مجرد وردة صغيرة حمراء قانية .. كدت أطير فرحا وأنا أحتضنها إلى صدري وأدسها بين طيات كتابي في محاولة يائسة للاحتفاظ بأي شئ جميل ، ولكن مع مرور الأيام وجدت أن الوردة ذبلت تماما .. كيف تستطيع أن تعيش بدون هواء أو ماء .. وهكذا ماتت الوردة .. بدأت أتحسس ما تبقى منها .. وأشعر أن هناك صراعا جديدا يطفو على السطح .. صراع بين الحلم والواقع.. هل من الخطأ أن أحب .. أن أبوح بمشاعري .. أن أرسم الكلمات فوق الأوراق .. لن أستعمل الحبر مطلقا ، بل سأستخدم الورد والياسمين والقرنفل ، ولن يكون معجم كلماتي من الحروف الأبجدية ، فأنا كأنثى لي أبجديتي الخاصة .. ليست مجرد حروف صماء .. بل هي حروف ناطقة .. معجمي سيكون العطر والدفء والضوء.. ستكون كلماتي الحنين والحب واللقاء ،لن أكتب بالحبر بعد اليوم ، فكثيرا ما تمحوه الليالي والسنين ، بل سأكتب بالشوق واللهفة والمنى .. كل ما لم تستطع الكلمات قوله سأقوله في معجمي الجديد ، ولن أستعمل الأوراق بعد اليوم ، فهي تهترىء بعد زمن .. لماذا لا أكتب فوق صفحة السماء الصافية .. حتى يقرأ الجميع ما أكتمه .. ليس لدى ما أخفيه .. فأنا أحببت .. وأريد نشر أخبار هواي .. ليعرف الجميع .. لن أكتب رسائل بعد اليوم ، فالعصافير التي عرفت سرى أصبحت تحمل كلامي إلى من أحب عبر جناحيها وتطير إليه .. كم أشعر بالسعادة حينما أدس كلامي بريش العصافير .. حلمت ذات ليلة أنى أرقص بين ذراعيه.. تمنيت لو أنى ظللت هكذا حتى نهاية العمر .. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ..يمضى الزمان كأنه قارب قديم فى بحر متلاطم الأمواج ..وأنا وحدي .. لماذا نكتم هوانا .. لماذا نخشى الإفصاح عما يدور بأعماقنا ..حلمت بأني نورس أزرق يطير فوق البحر حاملا كل ألوان الطيف في منقاره الصغير ، لا أدرى كيف عبرت البحار والمحيطات حتى وصلت أخيرا لشاطئ الغرام ، وهناك وجدت حبيبي يلوح لي بكلتا يديه من بعيد .. أخذت أعدو وأعدو .. وهو يقترب ويقترب ..بغتة وجدت من يوقظني .. تلفت حولي وإذا بأمي تو قضني لأني غفوت في الشرفة دون غطاء. ****

مشششششششششششششششششكور على هذا الكلام تقبل مروي

مششششششششششششششششششششششششششكككككككورة اختي الاسيرة تقبلي مروري مع فائق الحب والاحترام